الايروتوفوبيا

او الخوف من احمرار الوجه

 

 

قصتي مع الاحمرار

 

 

أخوكم عبد السلام  خير الدين .........الجزائر

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أما بعد 

                

هذه قصتي أسردها بعد حوالي شهر من إجراء العملية.. بعد أن انتابني إحساس أني ولدت من جديد ( أرجو أن يدوم هذا الإحساس).... رغم أني والله لحد الآن لست مصدقا أن الاحمرار قد ذهب واختفى ...رغم أني لم أجد له أثر منذ أفقت من العملية...ودائما أستفسر قائلا: هل وجهي أحمر؟؟؟  وكل الإجابات: لا...وجهك لم يتغير لونه منذ بدأت الكلام ..-               بعد أن تمكنت من قراءة أول نص أمام الطلبة و الأستاذ  دون أي خوف ولا احمرار بل أقسم أني لم أشعر في حياتي بمثل هذا الإحساس الذي أشعر به الآن من ثقة في النفس وارتياح عند التكلم أمام الناس .. بعد أن حرمت منهما لأكثر من 5 سنوات...فالحمد لله....الحمد لله...الذي هدانا و أرشدنا إلى العملية.
 
   ربما هناك الكثير ممن عرفوني من خلال قصيدتي الاحمرار & حتى لا يطول عذابكم من الاحمرار.... ولكن الآن ستعرفونني أكثر و ستعلمون أن ألآمكم و عذابكم الذي مررتم به وعانيتم منه سنوات وسنوات الشيء الذي لا يعلمه إلا الله.....وظننتم كما ظننت أنا..أني الوحيد في العالم المريض به....... ستعلمون أن هناك الملايين من الناس موزّعين على كافة أنحاء العالم..يعانون منه ويخفون آلامهم ويكتمونها.. لأنهم يعلمون أنه لا أحد سيتفهم وضعهم لأنهم هم أنفسهم لم يفهموا ماذا حل بهم.فتحية والله تحية من أعماق قلبي إلى كل صنديد بقي واقفا يتحدى وصامدا أمام ضربات هذا العدو الداخلي القاسية...وقرر أن يعيش حياته كباقي الناس رغم أنه ليس كباقي الناس لأنّه يحمل على ظهره همّا يزن جبال الأرض ويفوقها.
 
 من أين سأبدأ.؟؟؟؟........لقد كنت تلميذا متفوّقا منذ بداية حياتي الدراسية، ولم أكن أعرف الخوف أمام الناس مطلقا ولم يكن وجهي يحمر إلا نادرا في حالة ما إذا فضحت أمام الناس وهذه حالة عادية تكون عند جميع الناس تقريبا.. وقد كنت أحب أن يراني الناس وأنا أتكلم وكنت أحب التكلم أمام الجماهير في المسابقات و الحفلات وعند قراءة القرآن أمام المصلين، كان ذلك يشعرني بالسرور والفرح..( عكس ما حلّ بي بعد ذلك)..أما في المدرسة فقد كنت دائما أشجع التلاميذ أجرأهم ....وبقيت الأحوال على ما يرام حتى سن ال16 سنة...وبالضبط في مخيّم صيفي على أحد الشواطئ الجزائرية، حيث كنت عضوا في الكشافة الإسلامية الجزائرية..كان هذا المخيّم هو المنعرج الخطير الأول في حياتي.. حيث انتابتني مجموعة أحاسيس غريبة جدا دفعة واحدة بتّ بعدها أخاف من التكلّم أمام الناس..أخاف لدرجة الموت.   - وقد كنت وقتها في ال16من عمري....مرحلة المراهقة...وكانت أسرتي من الأسر التقليدية أو الأسر القديمة أي لم  يكن في وسعي أن أستفسر عن ذلك الخوف أو أن أتناقش مع أحد فيه....بل إن الأسر القديمة أحيانا إذا اشتكى أحد من مرض عضوي بدا بأنه غير عادي و ضعيف وليس خشن الجلد كأجداده و..و..و......... فما بالك بمرض نفسي.لذا فقد كتمت الأمر في صدري منذ بداية المرض حتى العملية....  -قلت أن في ذلك المخيم بتّ أخاف من التكلم أمام أي جماعة، سواء في السهرات أو إذا طلب مني أن ألقي موعظة أمام الكشافين.....كان ذلك بمثابة اجتياز مكان مليء بالأسود.- وقد ثبت عند كل المرضى أنهم كانوا يتعرضون لنوبات الاحمرار قبل سن المراهقة، ولكن هذه النوبات تكون نادرة ولا تأثير لها على الشخص.....فمرة أذكر أني وبينما كنت في القسم في سن 13 سنة دخل أحد التلاميذ القسم يشكوني لمعلمتي وما إن رأيته حتى انفجر وجهي محمرّا احمرارا رهيبا، حرارته مازلت ألمسها و أنا أكتب في هذه السطور.- كما أنه أحيانا ما كان زميلي  الذي يجلس معي في نفس الطاولة في القسم ؛ كان يخبرني قائلا: ( مابك محمرّ الوجه هكذا؟؟؟؟؟)....ولم يكن لدي أي مشكل أو شيء ضد احمرار في تلك الفترة. - لكن ابتداء من هذا المخيم أصبحت نوبات الاحمرار تأتيني دون أي سابق إنذار أمام أي موقف اجتماعي...احمرار شديد شرحته في قصيدة (( حتى لا يطول عذابكم من الاحمرار)).- وقد كانت كل مشاكلي في حجرة الدراسة....حيث لا أستطيع الكلام  خوفا من الاحمرار رغم أني أحيانا أكون صاحب أفكار أحسن ممن تكلم...... وما لن أنساه طوال حياتي هو ما حدث لي عندما كنت وزملائي في إحدى المسابقات بين الثانويات ولم أستطع الصعود للإجابة على السؤال أمام الجمهور رغم معرفتي للإجابة ....فخسرنا المسابقة.
 
 - ولبست حياتي  ثوب حداد منذ داهمها الاحمرار....فأصبحت أتهرب من الناس ليس خوفا منهم بل خوفا من الاحمرار أمامهم.....وحرّمت على نفسي كل الأماكن الاجتماعية باستثناء المساجد لأنه لا كلام فيها .....يصلي الناس فيها في صمت ثم ينصرفون، ولو كانت المساجد تفرض علينا الكلام والسؤال والجواب أمام المصلين...لما كنت دخلت المسجد قط. - أما الثانوية فقد كان إجباري علي أن أذهب رغم كرهي، ليس لها والله بل لهذا الاحمرار أمام زملائي وسخريتهم مني- ولم أعالج في عامي الأول هذا المرض، وتركته يستفحل و يسرع في النمو...وقد ظهر أثر ذلك جليا في تصرفاتي وسلوكي....شخصية خجولة ومتهربة. - إذا ما طلب مني الأستاذ أن أقرأ نصا أمام التلاميذ يلتهب وجهي وتأتيني النوبات ويحمرّ وجهي بشدة ويعرق جسمي ويذهب مني والله كل شيء...ولا أفكر إلا في شيء واحد هو أن تنشقّ الأرض وتبتلعني، حتى لا يراني زملائي محمرّا هكذا. -إذا تكلم صديقي الذي يجلس معي، فإن وجهي يحمرّ بشدة رغم أني لست أنا من يتكلم، ولكن إذا استدار التلاميذ نحو زميلي الذي يتكلم، فإن وجهي يلتهب لأنه يخاف من نظرات الآخرين إليه....وقد أدى بي هذا إلى أن أمنع صديقي الذي يجلس معي من الكلام والمشاركة  في الحصص أو طرح أسئلة على الأستاذ.....لأن هذا يسبب لي احمرار شديد ...وفي الجامعة بت أتحاشى الجلوس في المقاعد الأمامية أو مع الطلبة كثيري الأسئلة.. -إذا كنا مجتمعين في البيت وآتانا الزوار ...سواء رجال أو نساء فإني أحمرّ أمامهم سواء....أحيانا حتى أمام أبي و أمي وإخوتي لا أستطيع ظبط وجهي من الاحمرار. -إذا لقيت صديقا قديما في الطريق فجأة في الطريق آتى ليسلم علي فإني أحمر كثيرا في مثل هذه المواقف. - وغيرها في أي موقف اجتماعي يتطلب التفاعل مع المجتمع....... - ولم أكن أعلم ماذا حل بي وماذا جرى لي ولماذا أخاف ولماذا أحمرّ....ولما كنت صغيرا لا علم لي بالأمراض رددت كل ما حلّ علي...بأنّه غضب من الله لأني أكثرت في معصيته.....فزادني هذا شعورا بالذنب وكآبة في نفسي.
 
 - ثم اجتزت البكالوريا....ودخلت فرع الطب إرضاء لأقاربي، فقد كنت أعلم أني لا أستطيع التخصص في أي فرع و أنا بهذه الحال....والطب فرع صعب ودراسته مجهدة...رغم أنها رائعة....وقد عانيت من الحصص التطبيقية والامتحانات الشفوية ما لا يعلمه إلا الله. - وفي العام الأول قمت بزيارة أحد أطباء النفس، عندما قرأت لوحة إعلانية باسمه و أنه يعالج اضطرا بات النفس والخوف و.و..و..و...و......، وعندما دخلت إليه أذكر أني وجدت صعوبة في شرح ما أعاني ....ولما انتهيت من ذكر المشكل الذي أعاني منه قال لي : إن علاجك سهل جدا...ووصف لي دواء.... وبعد يوم من تناول الدواء لاحظت آثاره السحرية على الخوف من جهة وعلى الاحمرار، فسعدت كثيرا. - وما إن انتهت علبة الدواء حتى عاودني الخوف والاحمرار..وعدت إلى الطبيب ولما استفسر ته عن حالتي قال : (( إنه فقدان الثقة بالنفس)).- لقد دمرتني هذه العبارة، وزاد تني حسرة....فقد كنت أعلم في قرارتي أنه لا تنقصني الثقة بالنفس، وأني في داخلي لست إنسانا خجولا، وإنما هذا الاحمرار الذي هو سبب ما أنا فيه....ولو زال عني لعادت لي الحياة...
 
 ثم توقفت عن تناول الدواء فقد بدأ جسمي يعتاد عليه، وكان لابد لي أن آخذ جرعة كبيرة منه إذا كان هناك احتمال أن أتعرض لموقف خطر....أما إذا كان الأمر عطلة أو يوما عاديا آخذ جرعة عادية....ولكن المشكل أني لا أعلم متى ستأتيني نوبات الاحمرار...ففي أي موقف احتمال أن أتعرّض لنوبة أو 2 من حمرة الوجه المفرطة.....كما أن الدواء لم ينهي الاحمرار تماما وإنما مفعوله هو زيادة الثقة بالنفس. - ثم غيّرت الطبيب ...وزرت أطباء آخرين كلهم يتكلمون عن وجوب تقوية الذات بواسطة التعرض لمواقف الخوف، مع أخذ الأدوية....ولكن لم يذكر لي أحد منهم اسم المرض الذي أعاني منه الاسم   هو الاسم العلمي لهذا المرض ومعناه الخوف من الاحمرار.
 
 - ثم بعد أربعة أعوام من المعاناة، أعطاني أبي وبعد إلحاح شديد، مبلغا من المال لأداء عمرة في أواخر رمضان....هذه العمرة التي أنا مدين لها كثيرا، فقد دعوت الله من أقدس مكان على الأرض....حيث الدعاء مستجاب... وما إن عدت من العمرة كانت المفاجأة الكبرى تنتظرني....... - لما عدت ...أذكر أني كنت أتصفح مرة كتابا بالفرنسية عنوانه (( التنويم المغناطيسي)) ووقعت عيني على كلمة EREUTOPHOBIEأو الخوف من الاحمرار....أحسست بخفقان سريع في قلبي ...وأدركت أن هذا هو مرضي        فخرجت مسرعا من البيت إلى (( الانترنت)) إلى محرك البحث   GOOGLEحيث وجدت آلاف المواقع تتحدث عنه، وقرأت مئات الرسائل لأشخاص يعانون نفس المرض....فارتحت كثيرا وأدركت أني لست الوحيد المريض بهذا المرض كما كنت أظن....والأغرب من هذا وجدت البعض يتحدث في رسائله عن عملية سحرية تقضي نهائيا على الاحمرار. -كما علمت أن الاحمرار يكون نتيجة إفراط نشاط العصب السمبساوي، فيسرع القلب في خفقانه وتصعد الدماء بشدة إلى الوجه...فتحمرّ وتعرق و......... -منذ تلك اللحظة شعرت أن الدنيا انفتحت لي، وأن الله استجاب لدعائي....وأحسست أني أقترب شيئا فشيئا إلى التخلص من هذا الداء العضال. -وكنت أشعر براحة كبيرة عندما أقرأ رسائل المرضى الذين يعانون من الخوف من الاحمرار...وهم يقصون فيها حكاياتهم مع المرض....وقد كانت الرسائل تتشابه في محتواها...فكلنا نعاني من نفس المرض...وإحساس رائع أن تتحدث إلى شخص يفهم ما تعاني ويفهم مشاعرك.  - أما العملية فمنذ أن سمعت و قرأت عنها بالفرنسية...واطلعت على مبدأها وكيفية إجراءها وآثارها الجانبية... وجدت فيها الحل الوحيد لمشكلتي....استخرت الله مباشرة ...ودائما كنت أحس برغبتي في العملية تزداد أكثر كلما استخرت الله - وبقي المشكل الأكبر....وهو المال..    كيف سأخبر أبي أو أقنعه بأن يعطيني المال اللازم لإجراء العملية، ثم عملية ماذا.....وما هو المرض....إنه لمن المستحيل أن يقتنع أي والد مهما كان مثقفا ومهما كان واعيا بعملية جراحية لإزالة احمرار من الوجه لمجرد الخوف أو لمجرد الخجل.......إنه عائق كبير جدا أمام كل المرضى.....وقد كنت في ال21من عمري طالب جامعي ليس لي مال خاص أو دخل خاص وإنما مازلت مرتبطا بوالدي ارتباطا كاملا من الناحية المادية.....فان لم يمنحني أبي المال فلا عملية.....وان رفض أبي وطلب مني أن يرى الوثائق التي تثبت صحة مرضي من أشعة وتحاليل و..و.. فإن هذا مشكلة. - كما أن كل الأطباء النفسانيين الذين استشرتهم عن العملية رفضوها رفضا قاطعا مطلقا ....إذ في نظرهم يحرم حراما مطلقا إدخال الجراحة في العلاج النفسي ....وهذا ناجم عن جهل لا أكثر. - وجدت نفسي أمام عائق كبير ....كبير جدا....وفكرت في حلول كثيرة....وأول فكرة طرحتها على أهلي نجحت في خداعهم.....فقد قلت لأهلي أن لدي ورم ((سرطان)) وراء القلب ....وهو يسبب لي آلاما حادة عند النوم ولا أستطيع الدراسة بسببه...ويجب أن أنزعه بعملية جراحية قبل أن ينتشر في باقي أنحاء الجسم فيهلكني. - كما أخبرتهم أن هذا النوع من السرطانات خطير جدا...ويحتاج عملية جراحية عاجلة ...ويجب أن يكون الجراح صاحب خبرة....وأضفت أني وجدت جراحا في فرنسا مشهور بهذا النوع من العمليات...وأنه يجب أن أسرع في الاتصال به -               في البداية ظنوا أن الأمر مزاح لا أكثر.....ولكن لما رأوا إصراري وجديتي في الأمر....أعطاني أبي المال....  وأنا والله مستغرب لحد الآن كيف اقتنع أبي بفكرة الورم هذه....وأنا كنت أظن أنها لن تقنع حتى صبيا صغيرا؟؟؟؟ إنه الله الذي إذا أراد لشيء أن يكون فلا راد له. - طلبت منهم أن لا يخبروا أحدا من العائلة وأن يبقى هذا سر حتى أعود من فرنسا.....حتى لا يثيروا جوا من الفوضى...كما أردت من وراء هذا أن لا يعلم أعمامي لأنهم سيطلبون مني مقابلة الطبيب الذي شخص لي المرض....وتزداد الأمور تعقيدا.. - وأخبرت أختي الكبرى بحقيقة مرضي وهو الاحمرار وليس الورم...وأيضا أخبرت ابنة عمتي بصفتها طبيبة ولكن كلاهما لم يفهم شيئا عن المرض.....وقالوا لي أن كل الناس يحمرون في المواقف الاجتماعية ولست أنت فقط.....وأنهم كانوا يرونني إنسانا عاديا تماما ......المهم لم يفهموا شيئا وحاولوا منعي بشتى الطرق.....وانتشر الخبر بسرعة بين أعمامي (( لأنه من أعطى سره لإمرأة فماذا ينتظر؟؟؟..)) - ولكنني قررت الذهاب متحملا مسؤولية ما سيحدث لي ...ولن يمنعني أحد....وربما ما ساعدني هو أني كنت طالبا في السنة الرابعة في الطب وهذا ميداني فلم يستطع أحد مناقشتي....واضطر البعض لأن يقطع علاقته معي لأنهم رأو في نوعا من الجنون؟؟؟؟؟؟ -ولما كان الموقع الذي رأيته في الانترنت (( قبل أن أعرف الدكتور حسام)) لطبيب فرنسي مشهور في عمليات تدبيس العصب السمبساوي لإزالة حمرة الخجل المفرطة وكل الأوروبيين يعالجون عنده......أرسلت له رسالة أشرح له فيها    حالتي المماثلة لمرض الخوف من الاحمرار..  .وأطلب فيها منه أن يرسل لي ورقة استدعاء  ...لأتمكن من الحصول على تأشيرة سفر

  VISA INVITATION  

 وأخبرته أني مستعد لدفع تكاليف العملية.وقد كان الحصول على تأشيرة السفر الفرنسية صعب جدا ...وهذا لظروف أمنية.
 
- وبعد شهر من الإنتضار أرسل لي الطبيب الفرنسي بعد أن تفهم حالتي...ورقة الاستدعاء للحظور إلى فرنسا ومعها موعد لإجراء العملية وهو 02-03-2006 ، والخروج يوم 09-03-2006 ....وأنا مدين له إذ أراد مساعدتي. - وبعد أن استلمت ورقة الاستدعاء فرحت كثيرا....وقمت مباشرة بإعداد ملف طلب تأشيرة إلى فرنسا للمعالجة هناك.. وأرسلته إلى القنصلية الفرنسية بالجزائر....وبقيت شهرا وأنا أنتظر ردّهم ومرّ يوم موعد العملية ولم يأتني ردّ....ثم بعدها بأسبوع جاء ردّ القنصلية الفرنسية كالتالي (( التأشيرة مرفوضة))..
 
 لقد شعرت وقتها بإحباط وكآبة لم أشعر بهما في حياتي....والله كرهت كل شيء وقررت أن أتوقف عن الدراسة لأني لن أستطيع الاستمرار مادام هذا الاحمرار معي، بعد أن قطعت منها شوطا كبيرا....وبعد أن فاتني منها الكثير لأني انشغلت بإعداد الملف الملعون وتعبت معه وضيعت كل وقتي في السفر والإنتضار......ثم بعد هذا : تأشيرة مرفوضة - وكما قلت قررت أن أتوقف عن الدراسة لأنها سبب عذابي وصارحت والداي بالأمر فلم يتقبلا الأمر إطلاقا....وزدتهما غموضا عندما قلت  (( أني لن أستطيع الدراسة إلا إذا أجريت العملية)).... -وكرهت كل شيء وقضيت بعض الأيام في اكتئاب شديد.....أحس بسواد كبير في رأسي وصدري ...ولم أكرر البحث عن مكان جديد لإجراء العملية غير فرنسا ....وأعترف أني كنت أحمقا بعض الشيء لأني كنت يائسا جدا وفقدت كل أمل في العثور على طبيب جراح آخر.......ولكن عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم....فقد كانت الآيام تخبأ لي الكثير من المفاجآت السارة.....إنه الله الذي إذا أراد لشيء أن يكون فلا راد له.....والله مازلت مدينا للدعاء الذي دعوته من مكة....والله إن الدعاء لشيء عظيم.   - لما أخبرت الأهل بعزمي على إيقاف الدراسة...رغم علمي أن المصاب من الاحمرار يعاني من صعوبات الاندماج والتكلم أمام الناس مهما كانت المواقف ، وليس فقط في الدراسة ، بل في العمل ...في الاجتماعات ..في الحفلات ..في الشرح للناس..في المحكمات ...في كل مكان .....في كل مكان ...إنه المجتمع ولابد من الاندماج معه ومن المستحيل على مصاب بالخوف من الاحمرار أن يندمج مع مجتمعه. - انتشر الخبر كالعادة بين أعمامي وعماتي ......ووصل إلى أمريكا حيث كانت تقيم عمتي....التي والله لن أنسى تعاونها معي ما حييت (( رب امرأة خير من ألف رجل)).أرسلت إلي عن طريق الانترنت تستفسر عن الخبر و...وعن حقيقة المرض الذي أعاني منه....ولست أعرف كيف انفلت لساني وأخبرتها بمرضي ...وأني أحمر أمام الناس احمرار فضيعا...وأني لا أستطيع الاستمرار هكذا....وأن الاحمرار ليس عاديا بل رهيبا لا صمود أمامه ولا صبر لي على تحمله....وأن له علاج بعملية جراحية في فرنسا ولكن رفضوا إعطائي تأشيرة السفر وبالتالي لا أستطيع الذهاب....
 
 - لم يمض أسبوع حتى جاء الرد من عمتي غريبا عجيبا تتجلى فيه قدرة الله ومعجزته.- قالت لي أن هناك طبيب في مصر اسمه (( الدكتور حسام أحمد فؤاد))  وقد عالج الكثير من المصابين بحمرة الخجل المفرطة...وله خبرة عالية وكفاءة عالمية...وقد تخرج من كلية الجراحين ببريطانيا...وعمل في كثير من المستشفيات بالخارج....وأعطتني موقعه على الانترنت ورقم هاتفه....بعد أن اتصلت به هي وشرحت له الأمر. 
-لم أنتظر ولو دقيقة ،ذهبت مسرعا إلى الانترنت...ولما رأيت الموقع فوجئت كثيرا حيث كان يتكلم عن المرض أحسن من الموقع الفرنسي.....وقد كنت أحمقا إذ بحثت في الانترنت باللغة الفرنسية ولم أستخدم العربية....ولو كتبت فقط كلمة حمرة أو احمرار  في محرك البحث GOOGLE  ، لعرفت موقع الدكتور منذ مدة ولم أنتظر كل هذا الوقت.

 

- اتصلت بالدكتور مباشرة بعد أن اطلعت على كل صفحات الموقع ووجدتها كلها تنتظم موضحة مراحل العملية وسهولتها......حددت موعدا مع الدكتور حسام تيلفونيا يوم 11-04-2006 (( هذا اليوم سيبقى خالدا في تاريخي)). - ثم جهزت نفسي والغريب أن العملية كانت أقل تكلفة في مصر من فرنسا بكثير (( حوالي النصف)) والطبيب يتكلم العربية..أي سيكون التفاهم بيني وبينه أكبر....والتأشيرة إلى مصر سهلة جدا جدا وتجهز في مدة أسبوع. - أدركت بعدها أن الله هو الذي قدر الأمور هكذا....سبحانه مقدر الأقدار وعالم الغيب.... لأن إجراء العملية في مصر خير ألف مرة من فرنسا التي كنت سأدفع فيها ضعف المبلغ وأكثر من هذا أسبوع كامل إقامة في المستشفى....أما في مصر عملية مدتها نصف يوم.... والباقي سياحة وما أدراك ما السياحة في مصر.... سبحان الله أي فرق ...وأي قدروأي حظ هذا الذي صادفني.   رحلة العلاج 
 
 
- رتبت أموري قبل أن أسافر جيدا....فاتصلت بالدكتور حسام عدة مرات قبل موعد السفر....وطلبت منه أن يحجز لي غرفة في أحد الفنادق القريبة من عيادته، على أن لا يتجاوز الثمن 50دولار لليلة.....كما طلبت منه أيضا أن يرسل من يحضرني من المطار إلى المعادي لأني سآتي إلى مصر لأول مرة في حياتي ولا أعرف كيف تسير الأمور فيها. -وكنت قد طلبت تأشيرة إلى مصر من إحدى الوكالات السياحية ....ثمنها 50دولار وتجهز خلال أسبوع...وحجزت تذاكر السفر ذهاب وإياب في الطائرة من الجزائر العاصمة إلى القاهرة ب 400دولار. وكان الذهاب يوم الاثنين 10-04-2006 والعودة يوم 21-04-2006. - ثم أتى يوم الأحد 09-04-2006 وكانت المدينة التي أقطن فيها تبعد عن المطار الدولي ب 500 كلم...مسافة طويلة جدااظطررت لأن أركب في حافلة ليلية تنطلق على الساعة 21:00 ليلا وتصل على الساعة 4:30 صباحا، أي 7 ساعات ونصف وأنا جالس في  المقعد نصف نائم لأني لم أجد وضعية تريحني في الحافلة..... ثم وصلت إلى محطة الحافلات صباحا  صليت الصبح، وتناولت فطوري ثم أخذت سيارة مباشرة إلى المطار............ - دخلت المطار...إجراءات أمنية مرت بسرعة...ثم دخلت قاعة الانتضار ....وكان موعد انطلاق الطائرة هو 9:30 صباحا اتصلت بالدكتور حسام لأؤكد له مجيء...... ثم ركبت الطائرة وقد كنت متعبا بعض الشيء لأني لم أنم ليلتها في تلك الحافلة وزادني صوت محرك الطائرة و مدة طيرانها تعبا....4 ساعات و 20 دقيقة في السماء مع صوت المحرك الذي أزعجني والله..... - ثم وصلت إلى مصر على الساعة 15:30 مساء.....نزلت بمطارها.... بعض الإجراءات الأمنية أيضا....ثم خرجت من المطار.... فوجدت شابا وسيما بهي الهيئة يحمل لوحة مكتوب عليها اسمي.....فأسرعت نحوه ورحب بي وأخذني مباشرة في سيارة إلى الفندق حيث غرفتي فصعدت  إلى الغرفة ووضعت رأسي فأخذني نوم عميق .......عميق .
 
 - أفقت على رنات الهاتف الذي كان يرن....فبدا لي كأني في حلم ولم أصدق أني في القاهرة.....ثم رنّ الهاتف مجددا  فحملته فإذا هو الدكتور حسام......بعد أن رحب بي وهنئني ، أعطاني عنوان عيادته وطلب مني أن آتي على الساعة 20:00 إلى عيادته. - بعدها نهضت وصليت....ولم أصدق أني في القاهرة بدا لي وكأني في حلم....أحسست نفسي وحيدا ..وشعرت بالخوف من هذه العملية ذات الاسم الهمجي (( تدبيس العصب السمبساوي))... وفكرت في العودة إلى بلدي وأهلي ...ولكن فجأة انتقلت من عالم الأحلام هذا  إلى الواقع الذي أعاد ترتيب الأفكار في رأسي و أعادني إلى الطريق بعد أن انحرفت عن المسار......  أنا هنا لأعالج مرضي.... لأزيل ذالك الداء العضال الذي حطم حياتي منذ أن حلّ عليها..... -ثم أشعلت جهاز التلفاز وأجريت دورة سريعة على قنواته وإذاعاته ال31..... ثم وصل وقت الموعد.- نزلت من الغرفة إلى الشارع  الكبير المليء بالسيارات والبنايات والأضواء...فزادني هذا ذهولا ولم أصدق أن هذا حقيقة بل والله بدا لي وكأني في حلم ....ولم أجد حلا للخروج من هذا الحلم والعودة إلى الواقع. - أخذت سيارة أجرى إلى عنوان العيادة....حيث وجدت الدكتور ينتظرني....دخلت إليه فاستقبلني وتناقشنا كثيرا وأراني كثيرا من صور العملية ووضح لي كيفية إجراءها ....ثم قام ببعض الفحوصات وأخذني لإجراء أشعة على الصدر..ثم عدت إلى الفندق....وفي الطريق اشتريت خط هاتف نقال جديد ( موبينيل) لأن الخط القديم لا يصلح خارج التراب الوطني. - عدت إلى الفندق وتناقشت مع نفسي أحيانا أرفض العملية وأقرر العودة وأحيانا أعود إلى الواقع الذي لا مجال للهروب منه وقررت أن لا أتناقش مع نفسي مجددا... العملية يعني العملية إما إجراؤها و إما الموت دونها. - وسرعان ما أخذني النوم تلك الليلة.....ونهضت صباح يوم الثلاثاء على 6:00 صباحا...صليت الصبح ودعوت الله.. ثم انتضرت قليلا ....فاتصل بي الدكتور حسام...وأخبرني أنه سيمر علي بعد حوالي 5 دقائق، فنزلت من غرفتي...وذهبت مع الطبيب إلى مستشفى السلام  الدولي حيث سأجري عملية تدبيس العصب السمبساوي لعلاج ((الخوف من الاحمرار))
 
 - دخلت المستشفى وكان ضخما نضيفا وجميلا ....بعض الإجراءات في مكتب الدخول أو الاستقبال... ولحسن الحظ لم تسألني السيدة التي تعمل في مكتب الدخول عن مرضي....لأني لست أعرف كيف سأشرح لها. - ثم أعطوني غرفة رقم 628  في الطابق السادس.....صعدت إليها بالمصعد ....دخلت الغرفة...بها حمام ..تلفاز..خزانة..نافذة كبيرة..مرآة..كأني في فندق...ولم أصدق أني سأجري العملية إطلاقا ....ولم أستطع أن أدخل في رأسي فكرة أني مقبل على عملية جراحية بمنظار الصدر بعد قليل...بدا لي الأمر عاديا ولم أشعر والله بمثقال ذرة من خوف ... وفجأة دخلت علي ممرضتان وقطعتا أفكاري،  واحدة تتكلم بلهجة مصرية والأخرى تتكلم الإنجليزية ولم أكن أفهم شيئا في اللغة الإنجليزية . - ثم قامت المصرية بإلقاء وابل من الأسئلة علي...والأخرى تقيس درجة الحرارة ، وضغط الدم...ثم خلع الثياب....ثم خلعوا نضارتي رغما عني...ولم أستطع رؤية الأشياء جيدا بعد هذا....ثم وضعوني في سرير متحرك ركوبه رائع...كأنك في سيارة ألمانية تسير بسرعة 180 كلم في الساعة؟؟؟ - دخلت بعدها غرفة العمليات حيث وجدت الدكتور حسام  وطاقمه المساعد...والله لم أشعر بأي خوف ...واقتنعت أني أمام جراح بارع يعرف عمله جيدا.... - ثم تم حقن إبرتين في يدي فدخلت بعدها في نوم عميق لا حلم فيه....ولما أفقت وجدت الأضواء مشتعلة والممرضات من حولي....والآم تملأ صدري....والصداع والدوار بدرجة كبيرة حيث كل الأشياء التي في الغرفة تدور حولي.- ثم بدأت الأمور تستقر بعد حوالي نصف ساعة منذ أفقت من العملية.- أحسست أن شيئا ما تغير في جسمي ....فقد أصبحت يداي جافتين دافئتين...وهذه علامة على نجاح العملية حسب ما قرأت وما أخبرني به الدكتور حسام. - ثم رنّ هاتفي ....مكالمة من أهلي...والغرفة مليئة بالممرضات...تكلمت في الهاتف وكنت أنتظر أن أشعر بحرارة في وجهي واحمراره كعادته إذا تكلمت أمام الناس.......ولكن كانت المفاجأة الكبرى إذ لم أحس لا بحرارة ولا باحمرار في وجهي وأخذت أتكلم بصوت مرتفع وأنظر متحديا إلى وجوه جميع من كان في الغرفة ....لا احمرار ولا حرارة في الوجهإنها أول معجزة بعد حوالي نصف ساعة من نهوضي . - وبقيت هكذا أتحسن تدريجيا..  تدريجيا والدوار يزول والآلام في الصدر بقيت ولكنها بدأت تستقر على درجة ثابتة من الألم يمكن تحملها بسهولة.
- ثم أتى الطبيب مساء إلى غرفتي وخرجت من المستشفى فى نفس يوم العملية.  - وعدت إلى غرفتي بالفندق حيث الآلام تصاحبني ، وقد عانيت منها  في أول ليلة ، إذ لم أستطع النوم جيدا....ثم في الغد بدأ وضعي يتحسن خاصة لما أخذت الدواء الذي وصفه لي الطبيب وذهبت بعد ذلك وغيرت تذكرة طائرتى بنفسى فى وسط البلد بمفردى حيث طلب من الدكتور حسام بتقديم موعد سفرى من الجمعة 21 ابريل الى الاتنين 17 ابريل حتى لا يفوتنى الكثير من دراستى. - وبعد يومين أصبحت في أحسن حال...وبعد أربعة أيام استطعت أن أركب الحصان ولم يسبب لي هذا أي مشكلة...وبدا العرق واضحا في قدماي أحيانا غزير وأحيانا قليل وأحيانا لاعرق.... -ثم بدأت ألاحظ نتائج العملية شيئا فشيئا في كل مرة أنتظر حرارة في وجهي أو احمرار لا احمرار والله لم يحمر وجهي منذ أفقت من العملية إلى يومي هذا وأنا أكتب في هذه السطور والحمد لله. - وقضيت باقي الأيام أضيع الوقت بين التلفاز والسياحة...حتى يوم عودتي فشكرت الدكتور وودعته.... وعدت إلى بلدي وأنا أفكر في عذر أقدمه لأصدقائي إذا سألوني عن سبب غيابي....  والحمد لله رب العالمين.
 

هذه باختصار قصتي مع الاحمرار وما أدراك ما الاحمرار ، داء لم يفهمه الأطباء حقا....ومشكل عميق ...ومرض خبيث أكثر صعوبة في نظري من السرطان..... والله لو خيّروني بين الاحمرار وأي مرض مزمن آخر لاخترت الثاني.

-لقد حاولت أن أذكر كل التفاصيل المتعلقة بما عانيته مع الاحمرار....وأرجوا أن تجد هذه الصفحات مكانها في قلوب الذين يعانون والذين عانو من الخوف من الاحمرار.
- كما أرجو من كل الذين انتهوا من الاحمرار والذين مازا لو مترددين وخائفين من العملية أن يكتبوا قصصهم مع المرض ويرسلوها إلى الدكتور حسام....حتى تكون هناك صفحة خاصة مجموع فيها رسائلنا لنخفف عن كل الذين مازالوا يتعذبون من الحمرة والخوف من الاحمرار.
- بالنسبة لي شخصيا لم تأتيني نوبات الاحمرار منذ العملية ....وأنا سعيد جدا وأرجوا الشفاء لكل المرضى.
- كل من له استفسار عن أي شيء أنا مستعد للإجابة عليه، اتصلوا بي على البريد الالكتروني.
- أرجوا أن أكون قد ساهمت في فعل شيء تجاه إخواني الذين يعانون من الخوف من الاحمرار، وأسأل الله لهم الشفاء والسلام عليكم ورحمة الله.

 

أخوكم عبد السلام  خير الدين ......... الجزائر

 

 

 

قصيدة الإحمرار

 

هي سنوات تعذبت من احمرار                            بدأني صيفا في موسم الإبحار

أحسست وقتها بخوف شديد                                في كل سهرة و جلسة وموعظة اعتبار

بمخيم المرسى قدرت بدايته                                وبمصر سينتهي بإذن الله الغفار

في الثالث ثانوي بدأ نشأته                                  سكن عصبا من بين آلاف الديار

عصب وراء القلب يعين عمله                              يريحه ويجعله دائما في استقرار

أصبح هذا العصب كابوسا رهيبا                         أمام التلاميذ يصبح في حالة استنفار

أخاف كثيرا أمام أي جماعة                               يحمر وجهي بشدة إذا شدت له الأبصار.

تغيرت شخصيتي و غيرت حياتي                      من الجرأة و الشجاعة الى الخجل و الفرار

يبدو الأمر تافه لكن سل أي مجرب                     إذ والله منهم من يئس وقام بالإنتحار

لكن الله وحده أشكو له همي وعذابي                    أشكوا له ما عانيت في الليل و النهار

 

 

دخلت الطب رغما عني به                                ياله من قدر... سبحان مقدر الأقدار

عالجت عند طبيب لم يكن يعرفه                         كررت دواءه كثيرا و أكثرت التكرار

قال نقص ثقة بالنفس سوف نعيدها                       ماعليك سوى تناول العقار

حماني الله من العقاقير المسمومة                         لا شفاء فيها..مهلكة..مليئة بالأضرار

فقدت الثقة بالطبيب والتجئت لربي                        سبحانه الرحمن الرحيم..الواحد القهار

تقبلني ربي و أهداني دعوة                                 لزيارة بيته و رمضان في الإحتضار

إلى مكة أم الدنيا كانت وجهتي                             للصلاة..لقراءة القرآن..و الإستغفار

دعوت الله كثيرا..صليت له                                 دعوته من باب الكعبة وقت الأسحار

اللهم اغفر ذنوبي واستر عيوبي                             اللهم أزل من وجهي هذا الإحمرار

أديت عمرتي ..وسألت ربي                                 وعدت لبلدي تملؤني الفرحة و الإستبشار

 

 

أتيت إلى مصر و أنا محتار                                أبالعملية يزول ذاك الإحمرار

إحمرار عذبني خمس سنوات                              قهرني وجرحني وجعلني موضع احتقار

أربع ساعات في الطائرة مرت ثقيلة                      ضقت ذرعا حتى وصلت إلى المطار

نزلت في مطار القاهرة أول مرة                         أعانني الطبيب إذ أرسل من يقوم بإحضار

-في فندق بالمعادي كانت إقامتي                          بشقة تطل على النيل أكبر الأنهار

التقيت بالطبيب ليلة وصولي                               استقبلني بعيادته وأجابني على كل استفسار

قال قد وصلت إلي رغم كل العوائق                       أوصلك الله إنه قوي جبار

أبشر يا بني علاجك سهل مؤكد                            بتدبيس السمبًٍٍِساوي سنقضي على الإحمرار

بمستشفى السلام الدولي سنجري العملية                  أجراء أشعة على الصدر هو أول اختبار

أراحني الطبيب و أزال تساؤلاتي                         فاستراحت نفسي ليلتها وشعرت بالإستقرار

صوت أعماقي بات ينادي الساعات                       أسرعي في المرور .....تهاطلي كلأمطار

ضعيني فوق طاولة الجراح                                بشريني بعد العملية بأسعد الأخبار

 

 

في الطابق السادس بالمستشفى كانت غرفتي            أنيقة مفروشة رائعة تسر الزوار

دخلت علي ممرضتان بعد دخولي مباشرة               قالتا سنسرع في تحضيرك دون انتظار

قياس ضغط الدم ودرجة الحرارة                           مع خلع الثياب ولبس الإزار

خلعوا نضارتي وهذا ما أزعجني                           إذ بدونها لا أستطيع تدقيق الأبصار

وضعوني في سرير متنقل ركوبه رائع                    كقارب سريع يسرع اختراق البحار

وصلت غرفة العمليات بسرعة مذهلة                      فوق طاولة العمليات تم وضعي في قرار

حقن ابرتين في يدي أذهبتا عقلي                        أفقت على صوت الممرضات وبريق الأنوار

الغرفة تدور وأنا أدور حول نفسي                           لم أشعر في حياتي بمثل هذا الدوار

أحسست ببعض الضغط في جسمي                          ألم في الصدر عند السعال وعند الإنحدار

خرجت بعدها مساء من المستشفى                           وداعا يا احمرار........وداعا يا احمرار

 

لا ألم ولا ضغط بعد ذلك                                       الحمد لله الذي هداني للطبيب المختار

لقد كنت في غفلة عن العملية                                  كنت مقيدا و الأن دخلت عالم الأحرار

اللهم يامن رزقت يونس في بطن الحوت                       يا من نجيت ابراهيم من النار

يا من نصرت موسى و أخاه على فرعون                   يا من نصرت سيدنا محمد على الكفار

أسألك أن تزيل عن كل المرضى احمرارهم                وتعوضهم مكانه الفرح و الإستبشار

إنه من يتق الله و يخلص عبادته                               ينجه من كل مكروه ومن جميع الأشرار

اللهم بارك في دكتور حسام و أحسن جزاءه             فقد أسعد قلبي و أعاد له الحيوية و الإعمار

 

 

عبد السلام خير الدين الجزائر

طالب فى السنوات النهائية بكلية الطب

 تعذب من مرض حمرة الوجه المفرطة وله رسالة فى القضاء عليه فى العالم العربى

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



 

الاقسام